بحث في المدونة الإلكترونية

الجمعة، 19 مايو 2017

مشاهد فاسية

بنمحمد عبد الرزاق
مدون -المتقاعد السككي-
(المغرب)

رحلة مكوكية في أزقة مدينة فاس صباح يوم الجمعة 2017/05/19.

أ ) قبل حلول شهررمضان الكريم بأسبوع واحد، اكتشفت ظهر هذا اليوم مالم أكتشفه قبل عقود مرت من حياتي، اكتشفت زيف الايمان الرسمي لبعض المؤمنين الذين كلفوا بتسيير أمور المسلمين في بلاد أمير المؤمنين، وكيف يحاولون الظهور يوم الجمعة بمظهر التقاة العابدين الناسكين الذين لايشغلهم عن ذكر الله شئ، رأيت أحدهم يركن سيارتة الفاخرة  بالقرب من أحد المساجد الشهيرة في المدينة "والظاهر أنه موظف " كبير " من موظفي الدولة نظرا لأن جموع المصلين تتابع حركاته بدقة ، نزل من سيارته الناذرة  نوع......... المستوردة من الخارج والتي لاتمتلكها أية عائلة من العائلات الميسورة في المدينة، يقدر ثمنها حسب سعر الانترنيت بأكثر من 900.000.00 درهم  وبالعملة الصعبة لاأدري .
ب ) بالمقابل صادفت  صباح اليوم نفسه امرأة عجوزيتجاوز عمرها 90 سنة، وهي تجلس القرفصاء أمام سلعة ليست ككل السلع، أسمال وأشياء غير صالحة  معروضة للبيع، هذه المرأة لازالت تعيش زمن كبريائها وعزها، ليست لها القدرة على التسول، ولم تستطع أن تفتح فاها أمام المارة بقول أية كلمة، لكن معروضاتها وسلعتها هي من كانت تخاطب المارة، وتقول لهم أنا في أمس الحاجة إلى مساعدتكم، لكنني أخجل من مواجهتكم، شيخوختي وسوء حالي يستجديكم ، رجاء ساعدوني، كانت عيونها تكاد تلتصق بالمارة، ومنظروجهها يوحي أن المرأة لم تجد القدرة حتى على البكاء.
ج ) في أحد أركان مدينة فاس، وبالضبط وسط حديقة المرينيين، انزوى 5 أشخاص في ركن من أركان الحديقة المهجورة، هم من الشباب المشرد، المدمن على شرب " الجانكا " اقتربت منهم وسألوني إن كنت من رجال الشرطة، قلت لهم ، لا..أنا أخ لكم، جئت لأزوركم في خلوتكم فماذا أنتم طالبون، الغريب أنهم لم يطلبوا شيئا سوى بالدعاء لي على كرم زيارتي في مجلسهم، كانت أكواب " الجانكا " تدور بينهم، وهم يقدمون لي الأعذار عن هذا المشهد، من بين 5 أشخاص تتواجد امرأة مسنة تجاوزت الستين سنة ، تدخن وتشرب الكحول الممزوج بالماء بصمت، كانت عيناها تدور مع دوران الكأس منتظرة دورها وكأنها تريد الوصول إلى درجة " الكاو ". بقدر ماكان الحديث معهم ممتعا وشيقا، بقدر ماكان القلب يتمزق على حال هؤلاء المنبوذين، شباب وشيوخ ظلمهم المجتمع، وتناستهم الدولة في اللحظة المناسبة التي كان بإمكانها أن تكون متواجدة، للعلاج من الادمان، فالخمر ليس بدرجة المخدرات الأخرى، التي تدمر شخصية الانسان، ماذا لو أن السلطات تواضعت وفكرت في مثل هؤلاء الضحايا من أجل انقاذهم من التشرد ومن " الجانكا " ومن حياة الحيوانات التي يحيونها.
بنمحمدعبدالرزاق
تعمدت عدم نشر صور أبطال موضوعي، ربما أن ذلك خلق لي نوعا من الارتياح النفسي، رغم أنهم جميعا " شخصيات عامة في المجتمع الفاسي " ويمكن أن يكون منا من قابلهم في ظروف خاصة، مع تفاوت في المشاعر .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق