بحث في المدونة الإلكترونية

الاثنين، 25 ديسمبر 2017

يوسف والوطن

يوسف مات
لا ...
يوسف لم يمت
مازال راقدا في الجب
وتلك الوعود السمان
صارت عجافا
لا ماء لا قمح ولا سكن
من ينبؤني برؤياي عن وطن!!
لا شمس فيه تعانق الأفق
و لا نجم سطع في سماه
يا من كتبوا لنا التاريخ
ورهنونا أشياعا و قبائل!!
أخبروني ...
أي وطن رسمتوه لشعب ضائع؟!!

السبت، 9 ديسمبر 2017

السعار

نادية عطية (المغرب)

والان دعونا نناقش بهدوء ،لماذا علينا مناقشة القضية الفلسطينية الان وبالضبط الان ولماذا علينا التضامن كل التضامن ،اتذكر انني كتبت كثيرا حين اصبح ترامب رئيسا وماذا يعني ذلك ،بكل اختصار قلت ان الراسمال اصبح يحكم بنفسه ،وبان السعار هو ما سيحكم الان لانقاذ الامبراطورية ،سعار سيشعل حرائق ،سعار سيدوس على كل شيء ..(واريد الاشارة هنا لكتاب الفيلسوفة الامريكية سوزان نايمن ،صمود العقل الذي فيه فضح لترامب وعصابته وتخلص الى ان امريكا والعالم يحتاجون لمرحلة تنوير ضد الكذب وضد الشعبوية ...)
كل يرى موضوع القدس كما يريد لكن بالنسبة لي ما يهمني في الامر هو انه دوس حتى على قرارات منظماتهم الدولية ،وهنا يجب ان نتوقف، يجب ان ننتبه ،مهما كانت اهدافهم المضمرة والواضحة ،انها مرحلة السعار كما اشرت ،مرخلة سيتم فيها تعرية الوجه القبيح وخلع اقنعة الديموقراطية الزائفة والمواثيق الدولية ،صحيح ان ترامب ليس عليه اجماع وصحيح ان هناك من يحاربه ،لكن من يقرا التحولات العالمية ويربط بين صعود اليمين المتطرف في العالم وفي المقابل الحركات الاصولية الدينية والعرقية،ومن يدرك ان من يتحكم بالمصير هم مافيات الاقتصاد ومن يربط بين كل هذا وبين التدخل الخارحي السافر في ليبيا واليمن وسوريا سيعرف ان من فلسطين تبدا الحكاية ،من لا يقاوم هذا السعار بما ملكت يده لن يكون سوى حطب لحرائقهم المقبلة متى فكر ان يرفع راسه ....

الأحد، 3 ديسمبر 2017

مذكرات تلميذ ... 4

بقلم مريم التيجي (المغرب)

... بدأ بعض الدفء يسري في الاجسام الصغيرة. سحب الاطفال كتاب القراءة كما طلبت منهم المعلمة.. تعلم الصغار منذ سنوات كيف يحمون كتبهم جيدا، حيث كانوا يلفونها في الاكياس البلاستيكية السوداء، لذا لم تصل اليها قطرات المطر هذا الصباح.
فردوا كتاب القراءة الملون على الصفحة المطلوبة فوق الطاولات القديمة.بدؤوا يقرؤون سطورها بالتتابع، وحدا تلو الآخر. وكانت المعلمة تصحح نطق بعض الكلمات بين الفينة والاخرى.
حاول الصغير ان يركز، ولكنه شعر أن أصبع قدمه المتسلل خارج الحداء يؤلمه بشدة بسبب البرد، بعد لحظات بدأ التجمد يسري في كلتا قدميه المبتلتين..
لم يجرؤ على تحريكهما خوفا من اصدار صوت يثير انتباه المعلمة، ظل يحاول ضمهما الى اعلى، خصوصا عندما بدأ يتخيل ان قدميه صارتا قطعة لا تنفصل على ارضية الحجرة الباردة.
عندما وقفت المعلمة أمامه، نظر الى حذائها الطويل والمبطن بالقطن، تخيل قدميها الدافئتين، ظلت عيناه مسمرتان عليهما..نسي للحظات قدميه المتجمدتين، تخيلهما وسط حذاء يشبه حذاء المعلمة.
سرحت به احلامه في ثنايا الحذاء، ولم يستيقظ الا على صوت المعلمة وهي تقول له :تابع..
تلعثم ولم يعرف ماذا سيتابع، حاول أن يختلس النظر الى قراءة زميله، ليعرف أين توقف، لكنه لم ير شيئا..بعد لحظات صمت طالت، تجاوزته المعلمة الى من يجلس خلفه، وطلبت منه أن يتابع القراءة..
تنفس الصعداء، حاول أن يغرس رأسه في كتابه، ولكن الالم عاد لأصابع قدميه، ولم يجرؤ على اختلاس النظر الى قدمي المعلمة الدافئتين...

مذكرات تلميذ ... 3

بقلم مريم التيجي (المغرب)

مشى الصغير تحت زخات المطر، محتميا بقطعة البلاستيك التي كان يحرص على شدها من أطرافها حتى لا تعبث بها الرياح فيبتل ظهره الصغير، ويصل الماء الى كتبه ودفاتره.
كان يحاول أن يجري ليسخن جسمه، كما تعود أن يفعل عندما يخترقه البرد، لكن الامطار التي كانت تهطل على وجهه وتزيد غزارتها كلما ابتعد عن البيت، تخنق أنفاسه، وترغمه على إبطاء سرعته.
شعر باطمئنان أكثر حين وصل الى الطريق المنحدر، ووجد زملاءه الذين اعتاد أن يقطع هذه الرحلة معهم.
انضم اليهم، وساروا بإيقاع يتسارع أو يتباطأ حسب إيقاع المطر.
وصلوا بعد ساعة الى مدرستهم المعلقة والنائية عن الدوار.. وجدوا معلمتهم داخل الحجرة الباردة.
لم يتوقعوا كؤوس الشاي الساخن التي كان يعدها "السي المكناسي" .
تخلصوا من قطع البلاستيك ومن الاكياس السوداء التي لف بها بعضهم رؤوسهم الصغيرة. لكنهم لم يستطيعوا التخلص من معاطفهم المهترئة، رغم أن بعضها مبتل.
كان من المستحيل بدء أي درس مع شعورهم الرهيب بالبرد، وتجمد اطرافهم.
يبدو أن المعلمة التي كانت تلبس معطفا ساخنا، وتضع قفازات صوفية في يديها، وتنتعل حذاء طويلا ، رقت لحالهم هذا الصباح.
ولأول مرة شعرت بأن لا ذنب لهم في قرار تعيينها في هذا المنفى.
أخذت القطع البلاستيكية التي وضعوها خلف الباب، وبدأت تغلق بها فتحات النوافد، وتضع بعضا منها تحت الباب، وتكور أحد الاكياس جيدا، ثم تحاول أن تسد به ثقبا في النافدة. وبين الفينة والاخرى كانت تلتفت الى الصغار وتطمئنهم بأنهم بعد قليل سيشعرون بالدفء.
تمنى الصغير أن يخبرها سر "السي المكناسي" ويقول لها بأن "مقراج" الشاي الكبير يعطي مفعولا أكبر وأسرع، ولكنه شعر بالخجل، وانشغل بفرك يديه المتجمدتين، والنفخ فيهما بأنفاسه الساخنة بين الفينة والاخرى...يتبع

مذكرات تلميذ ... 2

بقلم مريم التيجي (المغرب)

..بالقدر الذي كان يشعر فيه أن "سي المكناسي" واحدا من الدوار، وأبا للجميع، أشعرته المعلمة الجديدة أنها غريبة أفضل منهم جميعا. وأنها جاءت عندهم مكرهة.
كان "سي المكناسي" يداعب شعر رأسه الصغير، ويصافحه كرجل أحيانا، خاصة عندما يكتب بخط جيد وجميل، ومرة التقاه عائدا بعد عطلة الصيف، فطبع على وجنتيه قبلتين، شعر بعدهما أن الجاذبية تعطلت من شدة الفرح، وان قدماه لم تعودا تلامسان الارض.
لكن المعلمة الجديدة كانت تتعمد احيانا ان تغير ملامح وجهها تعبيرا عن التقزز إذا اقترب منها، مما أشعره بالمهانة.
لم يعد يهتم كثيرا بأناقة خطه، لأنه لا ينتظر مكافأة منها على ذلك، وبدأ يفكر في ترك المدرسة لولا الحاح أمه كل صباح.
تذكر "سي المكناسي" وهو يمسك كأس الشاي الساخن بين يديه، في هذا الصباح المطير. وأعاد رجاءه لأمه بأن تسمح له أن يتغيب هذا الصباح على الاقل.
بدأ يتوسل اليها بدموع حارة و يستجديها "عافاك آمي..غير اليوم..انا مزاوك غير اليوم.."
ولكن أمه كانت مشغولة بالبحث عن قطعة بلاستيك كبيرة، ليغطي بها جسمه ومحفظته من زخات المطر، متعمدة ان تبقى صامتة وصارمة الملامح كأنها لا تسمع توسلاته، ليفهم أنه حتى لو مات، سيذهب الى المدرسة محمولا في نعشه، كما كانت تقول له دائما.
مسح دموعه، استسلم أخيرا بعد أن فقد الامل، وضع محفظته على ظهره، ووضع قطعة البلاستيك الكبيرة على رأسه، وجعلها تتدلى خلفه لتحمي المحفظة والكتب. لبس حذاءه الوحيد المهترئ، الذي ثقب من مقدمته، وخرج منه اصبع قدمه بعد أن ضاق عليه. ودعته أمه خارج البيت الطيني وهي توصيه "رد بالك.."....يتبع

مذكرات تلميذ ... 1

بقلم مريم التيجي (المغرب)

كان الصغير يرتجف من البرد، يتوسل أمه أن تسمح له بالبقاء معها اليوم في البيت. ماعاد يحب المدرسة منذ أن جاءتهم المعلمة الجديدة..شعر لأول مرة أنها بعيدة، وأن طريقها شاق عندما غادرها معلمه "المكناسي" كما كان يناديه المدير.
كان ذلك المعلم الطيب يصبر عليهم كثيرا، ويقول لهم لن تغادروا قبل ان تتعلموا جيدا..درسه ثلاث سنوات متتالية، علمه الحروف كتابة ونطقا، حبب اليه المدرسة عندما قال له ذات يوم " هل تريد ان تذهب الى المدينة؟
فأجابه بحماس وهو يهز رأسه : آه..
فربت على رأسه الصغير وهو يقول له : إذن خصك تقرا..
منذ ذلك اليوم صار يجتهد في تهجي اي كلمة يصادفها في الطريق، حتى انه مرة تبع قطعة ممزقة من جريدة قديمة كانت تعبث بها الرياح، وجرى خلفها ولم يستسلم الا بعد ان "اصطادها" بصعوبة، فجلس على الارض وقرأها كاملة.
ورغم انه لم يفهم شيئا مما قرأه، الا انه طار الى امه فرحا ليخبرها انه "بدا كيقرا الجورنان".
في الصباحات المطيرة مثل هذا الصباح، كان "سي المكناسي" يعد الشاي في "المقراج" داخل الفصل البارد. كانت رائحته تنبعث في الخارج، وتحث الصغار على مضاعفة سرعتهم في الامتار الاخيرة، وعندما يصل الجميع، كان يغلق الحجرة، ويضع كؤوسا مختلفة الاحجام والاشكال والالوان، امام كل الاطفال، ويطوف عليهم بالشاي الساخن، ويقول لهم ضاحكا "سخنو يديكم قبل ما تسخنو كروشكم.." فيحيطون ايديهم الصغيرة بكؤوسهم، ويستمتعون بالدفء الذي يسري في اطرافهم المتجمدة، ولا يمهلهم كثيرا قبل ان يطلب منهم شرب الشاي بسرعة.
كان هذا الطقس اليومي الذي يقومون به طيلة فصل الشتاء قبل ان يبدأ الدرس" يخفف عنهم معاناة البرد، ويملؤهم حماسا كل صباح قبل ان يقطعوا مسافات طويلة في اتجاه هذا الحجرات المتناثرة في قمة الجبل، والتي يسميها آباؤهم مدرسة..
لكن هذا الشتاء طعمه مختلف، وبرده اكثر قساوة. لقد غادر "سي المكناسي" وجاءت معلمة جديدة، عابسة دائما، ومتدمرة طيلة النهار.
لا تلقي الدرس بنفس الشغف القديم الذي الفوه مع "المكناسي" وتعاقبهم لأتفه الاسباب. لا تعد الشاي داخل القسم، وتغلق عليها بابه عندما تصل دون ان تنتظر دخول الجميع.
احيانا تشتمهم و تقول لهم "لعروبية" .
بدأ ينسى حلمه القديم، والوعد الذي قطعه على معلمه الذي خانهم جميعا عندما غادر، ولم ينتظر ان يودعهم بعد الصيف...يتبع.