بحث في المدونة الإلكترونية

الأحد، 7 مايو 2017

عروس الوطن

》》الشاعرة و الكاتبة اللبنانية
#ماري_القصيفي

افتحي ساقيك أيّتها العاهرة الصغيرة ليولد الوطن العظيم
***
انشروا أغطية الأسرّة التي شربت دم البكارة
زغردوا لرجال أثبتوا أنّهم رجال
ولعذراوات ثبتت براءةُ أجسادهنّ
انقروا الدفوف يا رجالُ وزغردن يا نساء
فتختبئَ شهقةُ الألم خلف صخب العرس
عودوا إلى ذلك الشرف الرفيع المرفوع رايةً من بين ساقي امرأة
فأعلام بلادنا اليوم منكّسة
ودماؤنا مهدورة
ودموعنا رخيصة
وشرف الأمّة ممسحة عند عتبات السفارات
فلنعد إلى تقديم الأطفال أضحيات على مذبح الآلهة فينزل المطر
ولنرمِ كلّ عام أجمل العذراوات فيرضى النهر ويفيض الخصب
ولندعُ البطل ليحارب التنّين
ولنترك مكانًا لخيط رفيع من دم العشق
يشقّ طريقه بين سيول من دماء الحقد التي لا يعرف لا القاتل ولا القتيل سببها وهدفها!
***
افتحي ساقيك أيّتها العاهرة الصغيرة ليولد الوطن العظيم
افتحي ساقيك وأحيطي بهما الجسد العابر
كما أحاطت بك خيباتُ العمر
شرّعي صدرك لمتسوّلين يشبهون فقرك
اعرضي نهديك ضوءين كاشفين في نفق الحياة
ابتسمي دائمًا وكثيرًا وانسي حزنك وبيت أبيك
لا تكوني عاهرة رخيصة
يا صغيرة
بل سخيّة معطاء
لا تقفي على أبواب المعابد لئلّا تفترسك الذئاب
لا تجلسي عند ناصية الشارع
ولا تسألي الرجال قبلة
فالحبّ ليس هناك ولا هنالك
نحن في زمن السكّين والخنجر والرصاصة
يا صغيرتي
فافتحي ساقيك وليقتحمك السكّين
وليطعن الخنجر أحلامك
ولتتساقط الرصاصات الفارغة في رحمك العقيم
ولا تدعي أحدًا يغتصبك
انتشي من اللذة كأنّك تكتشفين اللذّة الأولى
واصرخي من الألم كأنّك لم تعرفي رجلًا قبل الآن
وافتحي عينيك وانظري إلى انتصارك الدمويّ المتجدّد
افتحي ساقيك يا صغيرتي
وانسي أمر الحبّ الذي انتظرته طويلًا
كما انتظرت الشعوب العربيّة ثوراتها
فجاءت الجريمة
وكما انتظرت الأمّهات أولادهنّ المخطوفين
فخطف الموت تجاعيد الوجوه التعبة
وكما انتظر الأسرى الحريّة
فإذا بهم يخرجون إلى قبر كبير اسمه الوطن
ليس الزمن للحبّ يا صغيرتي
فتعلّمي باكرًا كيف تقبّلين وتعضّين وتغرزين أظافرك وتتأوّهين وتدمعين
تعلّمي باكرًا كيف تغتسلين بمياه الرجل كأنّك تتلقّين هبة من السماء
تعلّمي باكرًا الكلمات التي لا توجد في كتب القراءة ولا في قصائد عيد المدرسة
تعلّمي باكرًا أنّك إن لم تكوني عاهرة أكلتك الذئاب
وإن لم تكوني عابرة فلن تنجي بنفسك
***
اغلقي الكتاب يا صغيرتي وافتحي ساقيك
أطفئي الموسيقى واشعلي الرجال
سدّي أذنيك عن عظات الشرف وافتحي حسابًا في المصرف
أغمضي عينيك عن مشاهد المجازر وافتحي مطعمًا في وسط المدينة
واتركي دم عذريّتك يرسم ثقبًا في راية الوطن
ثمّ افتحي النافذة يا صديقتي
وهلّلي وزغردي
وقولي للمدعوين إلى العرس:
هذا هو الشرف الوحيد في هذا الشرق البغيض
هذا هو دمي، دم العهد الجديد حيث لا حبّ ولا ذبيحة بعد الآن
هذا هو جسدي العاري فتعالوا وكلوه بعيونكم وأنيابكم وأظافركم
أنا شرفكم الوحيد
والعابرُ شهيدكم الوحيد
قتلته
فما من لقاء بعد اليوم
إلّا لتجديد العهد بدم جديد.
لا تخافي يا صديقتي من آخرة هدّدوك بها
فأنت حوريّة الجنّة التي وُعد بها المؤمنون
وأنت الخاطئة التي لم يرشقها أحد بحجر
فاخلعي ثوب العفّة وتخلّصي من رداء النسك
واستمتعي
واقتلي كلّ ليلة رجلًا لم يلبّ حاجتك
كوني المخلّصة
وأنقذي العالم من رجال لا يجرؤون على أن يكونوا رجالًا
افتحي ساقيك يا صديقتي الصغيرة وليولد الوطن العظيم
فأن تهبي جسمَك أجملُ ألف مرّة من أن تبيعي أفكارك
وأن تختاري فريستك أبهى ألف مرّة من أن تكوني ضحيّة
وأن تهرعي إلى حيث متعتك أعظم من أن تنتظري حبًّا
قضى في معركة بليدة من معارك هذه الأمّة الجرباء
***
كوني عاهرة معلنة يا صغيرتي
وتنزّهي تحت الشمس أمام زجاج بيوتهم المبرّدة
لا تختبئي ولا تخافي ولا تخجلي
فأنت امرأة العهد الما بعد الجديد
الموسومةُ بدمها
المضمّخةُ بعطرها
العابثةُ الشبِقة المشتهية
الناظرة إلى موت عالم لا قيامة له
فافتحي ساقيك ليدخل العابر
وافتحي ساقيك ليخرج دمُ انتظارك الهادر
خيطًا رفيعًا بين أنهار الدماء المهدورة
ولا تكوني شهيدة
بل شاهدةٌ على شرف رجل عربيّ
يهلّل لحرائقَ تأكل الأخضر واليابس في كلّ لحظة
ويثور منتفضًا لعود كبريت اشتعل مرّة واحدة
ولم يكن معه في تلك اللحظة سيكارة يشعلها
لينفث في دخانها همومه
ويدفنَ في رمادها رجولته!
أغلقي قلبك وافتحي ساقيك يا صغيرتي
فجرح القلب جراح
لا تبحثي بعد اليوم لها عن عزاء
وجرح عِفّتك خمر مباح
على مائدة خلاصك
فلا تحرمي منها الشعراء الجبناء والأبطال الأغبياء
ولا تحرمي نفسك بعد اليوم
من الشعراء الجبناء والأبطال الأغبياء
فكلّهم سيغرقون يومًا في بقعة دمك المسفوك
في ليل هذا العالم المجنون!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق