بحث في المدونة الإلكترونية

الاثنين، 5 سبتمبر 2016

إذهبوا أنتم وانتخاباتكم إلى الجحيم

مغاربة العالم يردون، بقلم الرفيق العماري لطفي، بروكسيل، بلجيكا

نقول لكم نحن المغاربة المهجَّرين في العالم : "إذهبوا أنتم وانتخاباتكم إلى الجحيم ..." من هؤلاء الحمقى الذين يطالبونكم بالمشاركة أو إشراكهم في مهازلكم ومسرحياتكم  ... من هؤلاء الذين  ضاقت بهم السبل في هذه الفضاءات الواسعة من الحرية والديموقراطية  والأخلاق السياسية في أروبا الحريات والتسامح وتعدد الثقافات ... حتى يناشدوكم بتلويث أجوائنا وساحاتنا  بترهات خطاباتكم، وبمعوقات أفكاركم، وإبتلاء هذه الأجيال الجديدة من شبابنا بأساليب  المكر والخداع وثقافة الخنوع والإنصياع التي تحرروا منها بتحررهم من حضوركم، وتحررهم من سمائكم، وتحررهم من ترابكم ...

لا تتعجلوا في السب والشتم – كما عاهدناكم – فالوطنية والهوية تسكن كل تفاصيل حياتنا، ولسنا نحتاج ممن خربوا البلد وباعوه بالتقسيط للمؤسسات الدولية، دروسا في الوطن والوطنية. لسنا في حاجة ممن أنزلوا التعليم برجاله ومؤسساته إلى أسفل الحضيض أن يعلمونا كيف ندبر هويتنا .. ولن نحتاج ممن تخصص في الريع المالي والسياسي أن يخاطبنا في التنمية .. وحتما لن ننتظر ممن أتى على حقوق رجال التعليم والمتقاعدين وإغداق الهدايا والمال العام على الوزراء والبرلمانيين، درسا في الحقوق والمساواة في المواطنة.

بالله عليكم، أما يكفيكم أنكم ضحكتم على ذقوننا منذ سنوات باسم الوطنية في مطاراتكم وموانئكم، وبسعر السفريات في طيرانكم، كم بهدلنا وتم إبتزازنا  ومسح بنا في التراب - بحضور أطفالنا - ولا نزال بين شرطتكم وجمارككم ... كم تلاعبتم بنا في إداراتكم ومؤسساتكم، كم تركتمونا فريسة للوبيات العقار الذين أطلقتموهم علينا ككلاب مسعورة تنهش في لحمنا وعظامنا، حتى الشمس والرمل  والبحر التي كنا ننعم بها ونحنُّ إليها مرة كل عام بات  يحجبها الآن جنس من الغربان أطلقتموهم علينا من فرط محبتكم لحملة استشراقكم واستعرابكم... كل هذا باسم الوطنية والهوية، وتحت شعار "مرحبا بكم" .. فمعذرة إذن فحسُّنا الوطني أطهر وأنقى،  وهويتنا أكبر من أن تداس تحت نعال كذبكم وافتراءاتكم وهرطقتكم ...

ولتذكيركم، فقبل أشهر شهد أكثر من بلد أروبي، حفلات ومؤتمرات وسباقات مسعورة لتأسيس فروع وفدراليات لأحزابكم المعتوهة، وبكل أسمائها المشبوهة (يسارية /يمينية/ إسلامية ..)، وسخرتم  كل المال والرجال لتتاسبقوا وتتنافسوا في حمى هستيرية  مع الزمن لإرساء أعشاش لكم،  لتبيضوا فيها كائنات انتخابوية من جنسكم ونوعكم، لأنكم تعرفون أن أعشاشكم لن تفرخ سوى التماسيح والحيتان التي تشبهكم، والتي تتحيّن الفرصة لتغيير وجهة وبوصلة حياتنا، لتشدها إلى مزاربكم وأدغالكم، لذا فأنا لا أستغرب  أن خيوط العنكبوت التي غزلتم خيوطها هنا في كل البلدان الأوروبية استطاعت اصطياد الكثيرين من الأغبياء ممن صدقوا كلامكم، أو الكثيرين من السفهاء والكذابين والمنافقين الذين يودون إعادة إنتاج ثقافتكم السياسية الممقوتة للإستفادة من مالكم وريعكم، من سفرياتكم ومؤتمراتكم الحزبية، وأخذ الصور في صالوناتكم وباحاتكم .

إنا نؤكد لكم أن لنا من المهام  والمشاغل ما يغنينا عن وعودكم، فمستقبل أطفالنا وأجيالنا هنا، والإنخراط في السياسات الإقتصادية والإجتماعية هنا، والمساهمة في بناء صرح الحرية والديموقراطية سيظل هو التحدي الوحيد الذي يستهوينا ويستحق أن نبذل فيه الغالي والنفيس وكل الجهد والطاقة من أجل أن يستتب وجودنا وأن تتحقق آمال وأحلام أجيالنا بعيدا عن ثقافة الخوف والاستعباد، وبعيدا عن ثقافة الإرهاب والمفخخات التي ابتلينا منها من جراء إصراركم على الحضور بيننا، من خلال بعثاتكم، وعبر أئمتكم ومساجدكم ودور الثقافة التي تشيدونها هنا لتمرير طقوسكم وشطحات عقليتكم الفولكلورية، وتقاليدكم المترهلة،  أضف إلى ذلك ركام خزعبلاتكم التي تعبث بعقلية أولادنا وشبابنا، وتسبب لهم الإنفصام في الهوية والشخصية  ...

فارفعوا أيديكم عنا ودعونا نشيّد ونساهم في بناء غد مشرق لأطفالنا وشبابنا، ونحثهم على الإنخراط في الأحزاب والجمعيات هنا في بلدان إقامتهم، ليتعلموا فن الخطابة وفن السياسة وفن العيش والحياة الكريمة ... فقد أصبحتم، أنتم، بسياستكم تجاه "مغاربة العالم " الكابوس الذي ينغس أحلامهم، ويحول بينهم وبين الإندماج التام في مناحي الحياة في بلدان إقامتهم ...

لا نريد لا انتخابتكم ولا وصايتكم ولا تمثيلية في برلمانكم ... انتبهوا فقط  لمصالح مواطنيكم في الداخل، فهم في أشد الحاجة إلى وطنيتكم وحبكم لهذا البلد الذي عمّت فيه القسوة، وانتشر فيه الفساد المالي والإداري، واستكبر فيه المفسدون وتجبروا من جراء تلاعبكم وإجهازكم على أبسط حقوقهم في العيش والحياة الكريمة ... وبعدها سنعاود الحديث في الوطنية والهوية والانتخابات...

العماري لطفي

صرخة مهجَّر من بروكسيل

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق