بحث في المدونة الإلكترونية

الأحد، 3 ديسمبر 2017

مذكرات تلميذ ... 3

بقلم مريم التيجي (المغرب)

مشى الصغير تحت زخات المطر، محتميا بقطعة البلاستيك التي كان يحرص على شدها من أطرافها حتى لا تعبث بها الرياح فيبتل ظهره الصغير، ويصل الماء الى كتبه ودفاتره.
كان يحاول أن يجري ليسخن جسمه، كما تعود أن يفعل عندما يخترقه البرد، لكن الامطار التي كانت تهطل على وجهه وتزيد غزارتها كلما ابتعد عن البيت، تخنق أنفاسه، وترغمه على إبطاء سرعته.
شعر باطمئنان أكثر حين وصل الى الطريق المنحدر، ووجد زملاءه الذين اعتاد أن يقطع هذه الرحلة معهم.
انضم اليهم، وساروا بإيقاع يتسارع أو يتباطأ حسب إيقاع المطر.
وصلوا بعد ساعة الى مدرستهم المعلقة والنائية عن الدوار.. وجدوا معلمتهم داخل الحجرة الباردة.
لم يتوقعوا كؤوس الشاي الساخن التي كان يعدها "السي المكناسي" .
تخلصوا من قطع البلاستيك ومن الاكياس السوداء التي لف بها بعضهم رؤوسهم الصغيرة. لكنهم لم يستطيعوا التخلص من معاطفهم المهترئة، رغم أن بعضها مبتل.
كان من المستحيل بدء أي درس مع شعورهم الرهيب بالبرد، وتجمد اطرافهم.
يبدو أن المعلمة التي كانت تلبس معطفا ساخنا، وتضع قفازات صوفية في يديها، وتنتعل حذاء طويلا ، رقت لحالهم هذا الصباح.
ولأول مرة شعرت بأن لا ذنب لهم في قرار تعيينها في هذا المنفى.
أخذت القطع البلاستيكية التي وضعوها خلف الباب، وبدأت تغلق بها فتحات النوافد، وتضع بعضا منها تحت الباب، وتكور أحد الاكياس جيدا، ثم تحاول أن تسد به ثقبا في النافدة. وبين الفينة والاخرى كانت تلتفت الى الصغار وتطمئنهم بأنهم بعد قليل سيشعرون بالدفء.
تمنى الصغير أن يخبرها سر "السي المكناسي" ويقول لها بأن "مقراج" الشاي الكبير يعطي مفعولا أكبر وأسرع، ولكنه شعر بالخجل، وانشغل بفرك يديه المتجمدتين، والنفخ فيهما بأنفاسه الساخنة بين الفينة والاخرى...يتبع

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق