بحث في المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 23 سبتمبر 2020

إلى من يهمه الأمر

رسائل إلى من يهمه الأمر...
بقلم مريم التيجي
رحلة كورونا إلى  المستشفى العسكري  الميداني سيدي يحيى الغرب...
الرسالة رقم. 1
الى السيد وزير الصحة.
ليكن في علمكم أن تلك المذكرة التي أكدتم من خلالها أن "المرضى المصابين بكورونا والذين لا تظهر عليهم أية أعراض يجب أن يظلوا في منازلهم وسيتم تتبعهم عن بعد"  لا محل لها من الإعراب في أرض الواقع، وأن كل من كانت نتائج تحاليله ايجابية، حتى لو كان بأعراض بسيطة، أو بدون أعراض يتم تحويله ودون نقاش إلى "معتقل" سيدي يحيى الغرب.. وبه وجب الإعلام والسلام
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الرسالة رقم 2
الي السيد وزير الصحة
أخبركم ان هناك ثغرة كبيرة يتسلل منها فيروس كورونا إلى مدينة الرباط بسبب البروقراطية الغبية.
عندما يصل مريض إلى مستشفى ابن سينا، ويشخص على أنه مصاب محتمل بالكوفيد 19، يتم توجيهه إلى مستشفى مولاي يوسف بالرباط مع ورقة تؤكد انه يحمل أعراض الإصابة لكن حالته ليست حرجة، لكي يكمل التشخيص في المستشفى الجهوي.
المفاجأة تبدأ عندما يكتشف المريض ان تلك الورقة التي يحملها من "السويسي" لا تصلح الا ل"التبخيرة"،  وان المستشفى الجهوي لا يعترف الا بالتعليمات الصادرة من مندوبية وزارة الصحة، والتي تقول انها لا تستقبل المرضى القادمين من السويسي.
في هذه الحالة، يعود أغلب المرضى ادراجهم إلى بيوتهم، وهم  مرضى محتملون وحاملون للفايروس، واغلبهم يعرجون على العطار لشراء بعض "الأدوية"  ويستمرون في حياتهم العادية، يخالطون وينشرون "الزريعة" في كل مكان، ولا لوم عليهم، لأنهم طرقوا الأبواب وسدت في وجوههم..

الرسالة رقم 3
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إلى المرابطين في الصفوف الامامية.
في ظروف ليست سهلة، يستقبلك بعض الملائكة بابتسامة ويقومون بواجباتهم دون تذمر، واحيانا قد يشتكون هم أيضا من قلة الحيلة..
اشتكت لي إحدى المرابطات في الصفوف الامامية من البروقراطية التي تسحب قرارا طبيا خالصا من يد الطبيب، وتجعله في يد موظف يجلس في مكتب مريح، فيعاني المريض ويعاني الطبيب..
تحية لهؤلاء الجنود الذين يتقاتلون في أرض موحلة .. تحية لسائقي سيارات الإسعاف الطيبين..
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الرسالة رقم 4
إلى من يتواصلون مع ضحايا كوفيد هاتفيا..
بعض من توكل لهم مهمة إبلاغ نتيجة تحاليل الكوفي الايجابية للمرضى،  يتحلون برصانة وأدب يستحقون عليهما التهنئة، رغم أنهم في الغالب لم يتلقوا أي تكوين..
وبعضهم يتعاملون مع المجيب على الطرف الآخر كأنه مجرم عليه جمع ملابسه بسرعة وانتظار شحنه إلى مكان يسمع به لأول مرة..
صديقة لي مرضت، وحالتها بدأت تتحسن، وبمجرد تلقيها لاتصال هاتفي مريع ساءت حالتها وتسبب التوتر في اختناقها... عارفين المكالمات بزاف، و كاين شي نوع ما ميفهمش بسهولة، ولكن ديروا جهدكم الله يرحم الوالدين
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الرسالة رقم 5
إلى الرأي العام..
ما ذكرته التيجانية فرتات المديرة السابقة للأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين بجهة الرباط، حول تجربتها في المستشفى الميداني سيدي يحيى الغرب، شهادة صحيحة.
وماجاء في رد السيد وزير الصحة خالد ايت الطالب، على تدوينتها، وتكذيبه لها صحيح أيضا..
لا تستغربوا، ببساطة السيدة التيجانية نقلت الحدث كما رأته وكما هو حقيقة في المكان الذي وجدت نفسها فيه، وهو المكان الذي ينزل فيه أغلب "المعتقلين" عفوا أقصد الحاملين لفيروس كورونا.
والمكان الذي تحدث عنه السيد الوزير  صحيح وموجود داخل اسوار المستشفى الميداني العسكري، لكن لا يصله الا المحضوضين..
نعم يا سادة، هناك فضاء فيه الأغلبية، صدقت السيدة فرتات في وصفه، وهناك فضاء آخر بمواصفات دولية على كل المستويات، ومنه تصل التقارير إلى السيد الوزير وعلى أساسه يدبج بلاغات التكذيب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الرسالة رقم 6
الى من يهمه الأمر.

عندما تتأكد الإصابة بفايروس كورونا، لا يوضع أي خيار أمام المريض،  حيث يؤخذ في سيارة الإسعاف، التي ينطبق عليها الاسم من الخارج فقط، بينما يتكدس فيها في الداخل عشرة أشخاص يتم تجميعهم من نقط مختلفة..
عندما تصل سيارة الإسعاف إلى باب المستشفى الميداني العسكري سيدي يحيى تنتظر حوالي نصف ساعة... يتم تعقيمها من الخارج، ثم يتم إنزال الأشخاص الذين لا أجد وصفا ينطبق عليهم، واحدا تلو الآخر..
وكلما نزل أحدهم يتم تعقيمه قبل السماح بنزول التالي من سيارة الإسعاف.
بعد ذلك يتقدم طبيب ويسأل عن الاسم الكامل والسن، وما إذا كان الماثل أمامه يأخذ دواء معينا.
بعد تدوين الإجابات،  يسلمه حصته من دواء azymicine و plakinil.. يأخذ المريض الجرعات الكافية لأسبوع كامل. ثم يساق إلى نفق طويل، يفتح باب حديدي كبير، يلقى المرضى إلى المجهول ويغلق خلفهم الباب، وتكون تلك آخر مرة يرون فيها وجه طبيب أو مسؤول.. وتبدأ الرحلة...
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الرسالة رقم 7
إلى الصحفيين الأشاوس:
كنت ولا زلت كمواطنة أتمنى أن تكونوا في الصفوف الأمامية في هذه الجائحة، ليس فقط خلف القياد و المقدمين تصورون جولاتهم البطولة، ولا لأضافة عبارات من قبيل : وأوضح.. وأضاف.. وقال... على البلاغات الرسمية.
ولا لنقل معارك الفيسبوك إلى منابركم الإعلامية..
ولا للاتصال لطلب تصريح مكتوب على أن يكون بلغة سليمة وخاليا من الأخطاء ومرفق بعلامات الترقيم..
كنت أتمنى أن تجدوا طريقا وعيونا داخل المستشفيات الميدانية لتكتبوا ليس للحظة فقط ولكن للتاريخ أيضا...
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الرسالة رقم 8
الى من يهمه الأمر
إلى الغيورين على الطفولة
الى الذين لا يزالون في حداد على الطفل المغدور عدنان..
أخبركم أني لاحظت استعداد طفل عمره بين خمس وست سنوات يستعد للصعود إلى سيارة الإسعاف المتجهة إلى المستشفى الميداني سيدي يحيى الغرب، وهو يضع كمامة كبيرة على وجهه كلما تحرك تسقط عن أنفه وفمه.
سألت مرافقه ان كان مريضا، فكان الجواب ان نتيجة تحاليله سلبية وهو غير مصاب، لكنه سيرافق أمه واباه الذين يحملان الفيروس وصحتهما جيدة.
مرة أخرى استحضرت مذكرة السيد وزير الصحة التي تتحدث عن الحجر المنزلي والمرافقة الطبية في المنازل، وقارنتها بهذا الالحاق الإجباري بالمعسكر "الطبي"، وبدل ان يبقى طفل معافى مع والدين مصابان، سيعيش هذا الطفل وأحد والديه مع مئات الحاملين للفايروس في مكان مظلم ومغلق...
المأساة التي تستدعي تدخل كل ذوي الضمائر الحية، أنه فيما بعد سأعرف بوجود أربعة أطفال أعمارهم ما بين ست واثناعشر سنة على ما يبدو.. يتجولون دون حماية ولا مراقبة حقيقية وسط مئات الأشخاص المجهولين، ومنهم عدد كبير حد القلق ممن تبدو عليهم علامات الانحراف وذوي السوابق ومتعاطي المخدرات..
هؤلاء الأطفال بعضهم دخل رفقة قريب،  لكنهم يتحركون في أروقة المعسكر دون مرافقة،  بينما القريب المرافق يدخن أو يتبادل أطراف الحديث في الخارج..
قد تصادف طفلا يلعب في التراب، وآخر يبكي وهو تائه بين الرجال البالغين والغرباء...حيث لا وجود لحارس  كيفما كان... أرجو أن تصل الرسالة رحمة بهؤلاء الأطفال وبغيرهم ممن سيلحقون بهذه المعسكرات..
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الرسالة رقم 9
الى من يهمه الأمر..
لمعلوماتكم، لا يمر كل الذين يتم إدخالهم إلى ما يسمى بالمستشفى الميداني سيدي يحيى الغرب من نفس النفق،.
هناك فئة محظوطة تدخل من باب آخر.
مقاييس توزيع الفئتين لا أعرفها، في البداية قلت ربما الأطر والناس لهشاش هم المحظوظون، ولكن هناك أطر عليا وأشخاص من مختلف الطبقات الاجتماعية وراء النفق البئيس، و بالمقابل في جناح المحظوظين يمكن أن تجد أشخاص عاديون وبعضهم من طبقات شعبية.
لا يمكن أن يكون التوزيع حسب الحالة الصحية،  فكل الذين قدموا هنا يحملون الفيروس بلا أعراض، بل هناك شخص مريض بالربو والسكري قذف به وراء النفق.
لذا تبقى معايير التوزيع غامضة، لا يعلمها إلا أولو الألباب.
في جناح الآدميين، توجد أسرة نظيفة، ومعقمات في كل مكان، وتوجد حمامات ساخنة، و مراحيض نظيفة..
توجد أيضا فضاءات لممارسة الرياضة، و فضاءات خضراء..
هنا عاملات التنظيف لا يتوقفن عن تعقيم الفضاء..
هنا يعتبر النزلاء مرضى ويتم تفقدهم والتأكد من انهم يأخذون الدواء باستمرار من طرف الأطباء..
الا ان هذا الفضاء المعد لاستقبال إنساني لا يتسع للجميع، حيث أن الأغلبية تجتاز النفق الطويل، وتقذف خلف باب حديدي وتنسى.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الرسالة رقم 10
الى من يهمه الأمر
... بعد اجتياز المرضى لنفق طويل، بعد أن يغلق خلفهم باب حديدي ضخم، يكتشفون أنهم أصبحوا معتقلين بكل ما تحمله الكلمة من معنى.
تكون آخر مرة يرون فيها طبيبا أو مسؤولا كيفما كان نوعه هي قبل دخولهم إلى ذلك النفق.
يجد من كان يفترض انه مريض،  نفسه يحمل حقيبة ملابسه في يده،  ضائعا وسط حشود من الناس.. بعضهم يتصفح هاتفه، وبعضهم يلعب الورق، ومجموعة تتصايح على بعضها بأصوات مرتفعة وكلمات نابية..
مجموعات تبدو من ملامحها أنها من ذوي السوابق.. وأخرى كل أعضائها ملتحون ويلبسون ملابس السلفيين.. وجوه أخرى مصدومة تتابع ما يجري بصمت..
لا وجود لأي شخص يمكن سؤاله عن اية وجهة..
أضف إلى ذلك هناك روائح غريبة وقوية.
لا وجود لا لضوء الشمس ولا الهواء في هذا المكان الذي تشتعل فيه المصابيح القوية ليلا ونهارا، وليست فيه نوافذ ولا منافذ للهواء..
على القادم الجديد ان يبحث بنفسه عن مكان شاغر وسط هذا السوق الكبير والصاخب..
عندما يجد مكانا، عليه أن يؤثته بنفسه نعم.. سيجلب كرسيا من هنا،  فراشا لا يستعمله احد من هناك،  خزانة أصحابها غادروا قبل قليل من المكان المجاور.. طاولة الاكل من الممر...
بعد هذه الرحلة التي قد يتطوع بعض النزلاء القدامى لمساعدته فيها،  عليه أن ينظف عشه بنفسه..لأنه عادة سيجده مليء بأعقاب السجائر وبقايا الاكل و....
سينتظر الوافد الجديد أن يتسلم مع وجبته القادمة غطاء نظيفا ومخدة.
التجهيزات في هذا "المستشفى" تبدو جيدة ومشرية بالثمن.. ويبدو أنها تعرضت لتخريب متعمد قام به النزلاء الذين وفدوا أولا، ولكن لم تتم صيانة اي شيء مما تم تخريبه سابقا....
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الرسالة رقم 11
شكر وعرفان للقائمين على المستشفى الميداني سيدي يحيى الغرب.
قبل دخول النزلاء إلى النفق الذي يقودهم إلى المجهول،  يعطيهم طبيب مؤونتهم التي تكفيهم مدة اقامتهم من الكلور وكيل والمضاد الحيوي، وبعد ذلك يتم توزيع  مواد التنظيف عليهم، كما أن وجبات الطعام لا تخلف موعدها..
المشكل الوحيد أن مواد التنظيف غالبا لا تستعمل،  لأن الماء الساخن غير موجود، والحمام لا يصلح حتى لقضاء الحاجة الا اضطرارا.. حتى أن واحدة من أعز التمنيات في هذا المكان الذي يعرفه القائمون عليه باسم باكستان، هي أن يصابوا بإمساك مزمن، لكي يؤجلوا نداء الطبيعة بقدر ما يستطيعون، حتى لا يدخلون إلى ذلك الفضاء المسمى تجاوزا مراحيض..
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الرسالة رقم 12
الي السيد وزير الصحة..
أمام غياب الأطباء والممرضين من فضاء "باكستان" الذي يأوي المئات من حاملي فيروس كورونا المستجد، داخل "المستشفى" الميداني سيدي يحيى الغرب.. وكما هي العادة، يتطوع مرشدون من بين النزلاء القدامى لتوجيه النزلاء الجدد، وإرشادهم إلى الطريقة الصحيحة لاستعمال الدواء الذي تم تسليمه لهم قبل دخولهم.
ونتيجة ذلك ابلغكم سيدي الوزير أنه لا أحد يأخذ ذلك الدواء،  الذي إما يرمى أو يعود معهم إلى بيوتهم.
وسبب عدم تناولهم للدواء، هو أن المرشدين الذين ينوبون هناك عن ممثلي وزارة الصحة، يحذرونهم من استهلاكه، ويخبرونهم أنه سيسبب لهم الإسهال والعجز الجنسي.
وبما أن الإصابة بالاسهال في غياب مراحيض آدمية يعتبر محنة لا يريد أحد أن يمر بها.. وبما أن لا أحد مستعد أن يغامر بفحولته.. فإنه لا أحد تقريبا يتناول دواء السيد ديديي راوول، وبالتالي فإن الإقامة في فضاء يقال له "مستشفى" ، يكون اهدارا للمال العام وللكرامة الإنسانية..
و للإشارة فإن الكلوركيل يوزع على الجميع دون القيام بأي فحوصات أو تخطيط للقلب،  وربما تدخل "المرشدين" المتطوعين أنقذ أرواحا ما دام الدواء الذي يستلزم أخذه مع احترازات صارمة واشراف طبي حقيقي يوزع كما يوزع الصابون..
وبه وجب الإعلام والسلام...

رسالة رقم 13
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الى السيد وزير الصحة.
أعود في هذه الرسالة الى الوراء قليلا، لأثبت المشهد على ثغرة كبيرة في  الشبكة التي تحاولون من خلالها محاصرة فايروس كورونا المستجد.
ليس فقط لأنكم قادرون سيدي الوزير على إصلاح هذه الثغرة، ولكن لأن استمرار وجودها يحملكم كامل المسؤولية في نسبة من الأعداد المتزايدة كل يوم.
احيطكم علما سيدي الوزير أن مرضى كوفيد الذين يفدون على المصلحة المختصة بمستشفى مولاي يوسف بالرباط، يأتون من ثلاث أماكن.
إما يتم تحويلهم من مصلحة المستعجلات بنفس المستشفى، وتجرى لهم التحاليل بشكل عادي.
أو ترسلهم السلطات المحلية التابعة لوزارة الداخلية، وتجرى لهم أيضا التحاليل بشكل عادي.
أو يتم تحويلهم من المركز الاستشفائي ابن سينا ويتم رفضهم بشكل غير عادي.
أخبركم سيدي الوزير اني كنت في عين المكان عندما خرجت ممرضة تسأل "شكون اللي سيفطو القايد؟" ليتم التكفل به بعد ذلك.
وفي نفس الفضاء وصل أشخاص يحملون ورقة عليها ختم طبيب ومستشفى آخر وكان الجواب " لا ما كناخدوش اللي كيجي من السويسي".
هذه الثغرة الخطيرة تجعل المرضى يقضون يوما كاملا يتنقلون في وسائل نقل عمومية ذهابا وإيابا في الغالب، ويخالطون عشرات الناس ويمرون على عشرات الأماكن، و ينشرون العدوى في قلب العاصمة، وفي النهاية، إما أن تتفاقم حالتهم، و تختنق أنفاسهم، و يصبحون حالات حرجة، وعندما يصلون إلى هذا المنحدر يستقبلهم أخيرا "السويسي" لأنهم أصبحوا في مجال اختصاصه (حالة حرجة) ولكن بعد أن يكونوا قد زرعوا الفيروس لبضعة ايام في العاصمة.
أو أنهم يملون من هذا السعي المضني بين مستشفيين ويعودون ادراجهم إلى بيوتهم و أعمالهم ويتجولَون في الأسواق وفي الطرقات ويرفعون أعداد الإصابات، وبعد ذلك ترفعون تقارير إلى عاهل البلاد، لتخبروه أن مسؤولية الأرقام المرتفعة يتحملها المواطن وحده وأنكم "دايرين كثر من جهدكم"
سؤال محير يطرحه كل من يقف على هذه الثغرة: هل هذه المؤسسات التي تصفي حساباتها فيما بينها على حساب المواطن والوطن تتبع لكم، أم أنها جمهوريات مستقلة لا تتبع الا لمتنفدين يرأسونها من خلف مكاتب مكيفة؟
وبه وجب الإعلام والسلام...
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الرسالة رقم 14
الى السيد وزير الصحة
إلى السادة القائمين على المستشفى الميداني العسكري سيدي يحيى الغرب..

أخبركم يا سادة يا كرام، أن ذلك الفضاء المترامي الأطراف والذي يطلق عليه لقب "باكستان" لا تدخله أشعة الشمس، ولا يدخله ظل طبيب، ولا يدخله خيال ممرض أو مسعف..
أخبركم أنه لا يخضع لأي مراقبة أو تنظيم داخلي..
وبسبب استقباله لكل الأنواع البشرية،  ولعدد كبير من متعاطي المخدرات والمنحرفين، فإنه يعرف شجارات بينهم تصل حد التقاتل على مرأى ومسمع من بقية النزلاء، دون أي تدخل من الخارج..
وأخبركم أن الليل تتقاسمه هذه الفئة مع فئة أخرى فيما يعاني الباقون في صمت ويعدون أيام "اعتقالهم" في انتظار الفرج.
في بداية الليل، ترتفع الأصوات، وأحيانا صخب الموسيقى وتعم الفوضى المكان، بل يصل الأمر إلى ارتفاع أصوات أفلام البورنو التي يتسلى بها البعض، ولا ينفض جمع هذا البعض الصاخب الا في وقت جد متأخر من الليل.
وما إن تنتهي سهرة هذه الفئة، حتى يقوم المؤمنون للاستعداد لصلاة الفجر بصخب لا يقل عن سابقه، ويرفع الآذان ثم الإقامة والصلاة،وقد يمتد الهرج بعد ذلك إلى أن ترسل الشمس أشعتها في الخارج..
أخبركم يا سادتي الكرام، أن هناك من تشتد عليه نوبات الشقيقة بسبب هذا التعذيب والحرمان من النوم، وهناك من تنهار قواه، لكن لا توجد أي وسيلة للتواصل مع المسؤولين  أو مع العالم الخارجي،  ولا أي باب يسمح بالتسلل إلى الخارج وطلب المساعدة.. فيتحملون عذاباتهم في انتظار قرار الافراج...
وبه وجب الإعلام والسلام...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق